مؤسسة الوليد للإنسانية: تعزيز الحرف اليدوية والحفاظ على التراث الثقافي في "عام الحرفيين" 2025

في عام 2025، تحتفل المملكة العربية السعودية بـ "عام الحرفيين"، ليكون بمثابة علامة فارقة في التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي مع تبني الابتكار. في عالم يهدد فيه العولمة و الإنتاج الضخم الحرف التقليدية، تسلط هذه المبادرة الضوء على أهمية الحفاظ على هذه التقاليد الفريدة. من خلال دعم الحرفيين، تضمن السعودية أن تظل ممارساتها الثقافية الغنية جزءًا حيويًا من هويتها، ما يمزج بين الماضي والمستقبل في تناغم سلس بين التراث والحداثة.
بيت العرب
أهمية الحرف اليدوية ثقافيًا
في المملكة العربية السعودية، تعد الحرف اليدوية أكثر من مجرد عناصر عملية، إنها تجسد تاريخ البلاد وهويتها. فهذه الحرف تحافظ على التراث الثقافي للمنطقة، وتنقل القصص والقيم والفن عبر الأجيال. إنها جزء أساسي من إرث المملكة، تربط الحاضر بماضٍ عريق.
الحرفيون كحُماة للتاريخ
يعد الحرفيون من الحُماة الأساسيين لإرث المملكة الثقافي. فهم يحافظون على التقنيات التقليدية، ما يضمن ازدهار الحرف مثل صناعة الجلود، الفخار، والنسيج. كل قطعة يدوية هي رابط مباشر بتاريخ المملكة وقيمها، مقدمةً ليس فقط الجمال، بل أيضًا فهمًا أعمق لهويتها الثقافية.
مناطق السعودية والحرف اليدوية
تتميز مناطق السعودية بتنوع الحرف اليدوية التي تعكس ثقافتها المحلية. في عسير، يشتهر القط العسيري والفخار. مكة معروفة بالخوص والجنابي، بينما الرياض تبرز بالسدو والمشغولات الفضية. نجران تشتهر بالفخار والمجوهرات، والمدينة المنورة بالمشغولات الفضية والخشب. القصيم مشهورة بالفخار وصناعة التمور، وجازان بالملابس التقليدية والخوص. في تبوك، نجد الأواني الفخارية، بينما حائل معروفة بالسدو والجنابي. الحدود الشمالية تشتهر بالفخار والجلود.
اعتراف اليونيسكو بالقط العسيري
تم إدراج القط العسيري ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية من قبل اليونسكو، مما يعزز القيمة الثقافية والفنية لهذا الفن التقليدي. يُعرف القط العسيري بفن الزخرفة الحائطية باستخدام الألوان الطبيعية والزخارف الهندسية التي تعكس ثقافة منطقة عسير. يُمارس هذا الفن منذ قرون، ويُعتبر جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية للمنطقة، ويُسهم الاعتراف بالقط العسيري في الحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال القادمة.

تمكين المجتمعات من خلال الحرف اليدوية
يوفر "عام الحرفيين" فرصًا اقتصادية هامة، من خلال دعم الحرفيين المحليين—وخاصة النساء والشباب— حيث تمنح المملكة الفرص لعرض أعمالهم عالميًا، ما يعزز الاستقلال الاقتصادي ويُعلي الحرف التقليدية. من خلال هذه الفرص، تمكّن المملكة المجتمعات وتضمن ازدهار حرفها في عالم حديث.

دور مؤسسة الوليد للإنسانية في دعم الحرف اليدوية والحفاظ على التراث الوطني
على مدار أكثر من 45 عامًا، التزمت مؤسسة الوليد للإنسانية بدور محوري في دعم وتطوير الحرف اليدوية، حيث كانت سباقة في الحفاظ على التراث الثقافي الوطني و نقل هذا التراث إلى أفقٍ أوسع يتيح له التأثير على المستوى العالمي. تهدف المؤسسة إلى توفير منصة مستدامة لعرض الأعمال الحرفية التي تمثل الأصالة والهوية المحلية، لتصل إلى أسواق جديدة وتحظى بالتقدير الذي تستحقه على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تنطلق جهود مؤسسة الوليد للإنسانية من عدة ركائز رئيسية، وفي مقدمتها تمكين المرأة، حيث تركز المؤسسة على دعم الحرفيات من خلال توفير التدريب والتوجيه والموارد اللازمة لتطوير مهاراتهن. كما تسعى المؤسسة إلى منحهن الفرص المناسبة لعرض منتجاتهن على منصات عالمية، ما يسهم في تعزيز وضعهن الاقتصادي والاجتماعي.
من خلال هذه المبادرات، تقوم مؤسسة الوليد للإنسانية بكسر الحواجز التي قد تحد من قدرة النساء على الظهور والابتكار في مجال الحرف اليدوية. كما تسعى المؤسسة إلى رفع الوعي المجتمعي بدور النساء في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز مشاركتهن في الصناعات الحرفية التقليدية، ما يسهم في دعم استدامة هذه الحرف للأجيال القادمة.
هذا الالتزام المستمر من مؤسسة الوليد للإنسانية في دعم الحرف اليدوية لا يقتصر فقط على النواحي الاقتصادية، بل يمتد إلى النواحي الاجتماعية والثقافية، حيث تُعد هذه المبادرات جزءًا من رؤية أوسع تسعى إلى تحسين الحياة المجتمعية وتعزيز التفاعل الثقافي بين مختلف الشعوب والثقافات.
في عام 2017، أطلقت مؤسسة الوليد للإنسانية بالتعاون مع مؤسسة جبل الفيروز مبادرة متميزة تهدف إلى تدريب الحرفيات السعوديات عبر برامج متخصصة في التدريب والتطوير، بهدف تعزيز تمكين المرأة والمساهمة في تنمية المجتمع. وقد أسهمت الشراكة في إنتاج منتجات عالية الجودة.
بعد ذلك، أطلقت مؤسسة الوليد للإنسانية برنامج تطوير شامل بهدف تعزيز قدرات الحرفيات من خلال دورات تدريبية متخصصة، تهدف إلى تنمية مهاراتهن وتوسيع معارفهن، لإطلاق إمكاناتهن الإبداعية وتنشيط الحرف التقليدية التي تتميز بها المملكة العربية السعودية والحفاظ على تراثها. بالإضافة إلى تعزيز الإبداع من خلال التعاون مع مجموعة من الشركاء الملتزمين بنجاح البرنامج. تقع ورشنا الأربعة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ويعد فندق )فور سيزونز( في الرياض منصة لعرض الإبداعات الحرفية الراقية والفاخرة. كما يتعاون المشروع مع وزارة السياحة ووزارة الثقافة - الهيئة العامة للتراث، بالإضافة إلى التعاون مع مطاعم فاخرة مرموقة لإتاحة الفرص للحرفيين لعرض إبداعاتهم.
في عام 2023، بلغ إجمالي عدد الحرفيات المشاركات في ورش مؤسسة الوليد للإنسانية 80 حرفية، حيث يتواجد 20 حرفية في كل ورشة. وقد أدى تفانيهن والتزامهن إلى إنجاز 1,715 قطعة تدريبية مذهلة تعكس الحرفية الدقيقة والتفاني من قبل هؤلاء النساء الموهوبات.
أيضًا، تم دعوة المؤسسة لتكون شريكًا استراتيجيًا مع هيئة التراث في معرض "بنان"، حيث تم عرض وبيع القطع الإنتاجية للحرفيات. ومع التطور الكبير لحرفياتنا والإقبال الكبير على منتجاتنا، قررنا أن نوسع نطاق عملنا دوليًا عبر إطلاق "بيت العرب".

رؤية عصرية: بيت العرب
يهدف "بيت العرب"، إلى دمج ثقافة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي مع الحرف اليدوية الفاخرة. من خلال التعاون مع الفنانين المحليين، يُنتج "بيت العرب" قطعًا استثنائية تعكس التراث الغني للمملكة ودول الخليج. تمزج هذه العلامة التجارية بين التقنيات التقليدية والتصميم العصري، حيث تقدم منتجات حصرية مثل الجلود، الخشب، السيراميك، والشموع، جميعها مصنوعة من مواد محلية. لا يقتصر دور "بيت العرب" على الاحتفال بالحرف اليدوية فقط، بل يرتقي بها إلى المستوى العالمي، من خلال عرض أعمالها في معارض عالمية، بما في ذلك لندن. من خلال سد الفجوة بين التقليد والحداثة، تقدم العلامة التجارية منظورًا جديدًا للثقافة العربية، ما يضمن الاحتفال بالحرف اليدوية السعودية والحفاظ عليها. من خلال ذلك، يعزز "بيت العرب" التقدير العميق للثقافة السعودية والعربية عالميًا، حيث يلتقي الإبداع بالتقاليد.
الاحتفال بالتراث والابتكار
يحتفل "عام الحرفيين" بتاريخ المملكة الغني، وبمستقبل الحرف اليدوية فيها. من خلال الترويج للحرفيين عالميًا، تضمن المملكة أن تواصل أعمالهم إلهام الأجيال القادمة، ودمج التقاليد بالإبداع العصري، وتعزيز الفهم الأعمق لتراث المملكة الثقافي. من خلال مبادرات مثل "بيت العرب"، تُظهر المملكة كيفية الحفاظ على التراث في حين يتم تبني الابتكار من أجل مستقبل مستدام.
الالتزام بالمستقبل
من خلال مبادرات مثل "بيت العرب"، تُظهر مؤسسة الوليد للإنسانية التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على إرثها مع تبني الابتكار."عام الحرفيين" هو أكثر من مجرد احتفال بالماضي؛ إنه التزام بمستقبل مزدهر وديناميكي، حيث تُعد الحرف اليدوية السعودية منارة للثقافة والإبداع والابتكار على الساحة العالمية.
في عام 2025، ومع احتفال المملكة بحرفييها، نؤكد على التزامنا بالحفاظ على هويتنا الثقافية المميزة، مع تمكين الحرفيات، للريادة في مجال الحرف اليدوية والإبداع المتطور.