اليوم الدولي للتسامح: من رؤية عالمية إلى خطوات عملية

يمثل اليوم الدولي للتسامح فرصة لتعزيز قيم الاحترام والتفاهم وبناء مجتمعات متماسكة. أقرّته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتسليط الضوء على أهمية التسامح كوسيلة لمواجهة التحديات التي يشهدها عالمنا، كالحواجز الاجتماعية والفجوات بين الثقافات.
في مؤسسة الوليد للإنسانية، نؤمن أن التسامح هو أساس التفاهم وبناء جسور التواصل بين الأفراد والمجتمعات. هذه القيم تشكل جوهر رسالتنا، حيث نعمل على تعزيز الحوار القائم على الاحترام المتبادل من خلال مبادراتنا التي تمتد عبر مجالات التعليم والفن والتراث وتمكين المجتمعات. نترجم هذه القيم إلى خطوات عملية تساهم في نشر ثقافة التسامح والتفاهم على نطاق عالمي. إيماننا بالتسامح يتجسد في مبادرات ملموسة وشراكات استراتيجية تهدف إلى تعزيز التقدير المتبادل، وتوسيع آفاق المعرفة، وتشجيع التعاون المشترك.
مراكز صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال الأكاديمية: بناء ركائز الفكر والمعرفة
يرتكز التزامنا ببناء الجسور بين الثقافات على التعليم والأبحاث والحوار، وتجسد مراكز صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال الأكاديمية رؤية شاملة تؤمن بأن المعرفة هي الأساس لبناء وعي عالمي وتعزيز التكامل الثقافي والتعاون بين الشعوب. أُنشئت هذه المراكز في أرقى الجامعات العالمية، وهي: جامعة هارفارد، وجامعة كامبريدج، وجامعة إدنبرة، وجامعة جورج تاون، والجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأمريكية في القاهرة، لتكون منصات رائدة لإنتاج وتبادل المعرفة من خلال برامج أكاديمية مبتكرة ومبادرات توعوية هادفة . وانضمت إلى هذه الجهود ثلاثة مراكز وبرامج متقدمة دخلت حيز التنفيذ لتوسيع الأثر الأكاديمي في مجالات الصحة والعلوم الإنسانية، وهي: معهد الأمير الوليد بن طلال للطب الحاسوبي في كلية وايل كورنيل الطبية بالولايات المتحدة، وجوائز الأمير الوليد بن طلال لتعزيز التفاهم في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، وجائزة الزمالة البحثية للأمير الوليد بن طلال في مؤسسة دبي هارفارد للأبحاث الطبية بدبي
تعمل هذه المراكز بتنسيق وتعاون مشترك، ما يضفي طابعًا عالميًا على أنشطتها وبرامجها، ويعزز من تأثيرها الأكاديمي والثقافي على مستوى العالم، مع التركيز على إنتاج ونشر وتبادل المعرفة المستدامة عبر برامج أكاديمية مبتكرة وأنشطة توعوية شاملة تُعقد في أبرز الجامعات العالمية. ومن خلال إنشاء مراكز أكاديمية في جامعات مرموقة عالميًا، والشراكة مع برامج ومبادرات متقدمة، تسعى المؤسسة بفاعلية إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات وتشجيع الحوار البنّاء، بما يُقوي الروابط المتينة ويرسّخ مبادئ التعايش والاحترام بين مختلف الأديان. ولا يقتصر هذا الالتزام على تعزيز العلاقات الثقافية فحسب، بل يسهم أيضًا في إحداث تغيير إيجابي وجذري في الروابط الإنسانية، بما يعزز جهود بناء مجتمعات مترابطة ومتفهمة.

شبكة الوليد الثقافية: منصة تربط العالم
تأتي شبكة الوليد الثقافية كمنصتنا الرقمية التي تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التفاهم الثقافي، وتوفير موارد تعليمية وفنية مجانية للجميع، بما يتيح الوصول إلى المعرفة الثقافية العالمية بطرق مبتكرة.
تعكس شبكة الوليد الثقافية رؤيتنا لعالم أكثر شمولًا وتواصلاً. حيث تربط الشبكة بين 13 مؤسسة رائدة عبر العالم، بما في ذلك المراكز الأكاديمية والثقافية لصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال والمؤسسات الأخرى التي تعاونت مؤسسة الوليد للإنسانية وساندتها في مسيرتها مثل متحف تاريخ العلوم وبيتس ريفرز في جامعة أكسفورد، ومتحف الفن الإسلامي في برلين، ومؤسسة الجبل الفيروزي، ومنظمة الكشافة العالمية.
توفر الشبكة منصة تفاعلية تجمع بين الأصوات الأكاديمية والفنية والمجتمعية، لتتيح لهم فرص التواصل والتفاعل متجاوزة الحدود الجغرافية والتخصصية واللغوية.
في هذه المنصة، يمتزج الابتكار الرقمي مع الإبداع الإنساني، ما يضمن وصول الموارد والفرص إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد حول العالم. وتواصل الشبكة النمو من خلال الشراكة مع أبرز المؤسسات الثقافية لتعزيز تبادل المعرفة والفهم بين الثقافات. في عام 2024 ، بلغ عدد زوار المنصة ما يقارب 500,000 ألف زائر.

المتاحف والتراث الثقافي: منصات للحوار والتفاهم
نلتزم في مؤسسة الوليد للإنسانية بتعزيز التواصل الثقافي والتفاهم بين الشعوب من خلال دعم المتاحف العالمية المرموقة لتصبح منصات حقيقية للحوار والإبداع. في متحف اللوفر بباريس، ساهمت المؤسسة في إنشاء قاعة الفنون الإسلامية التي تضم أكبر مجموعة متنوعة من الفنون الإسلامية في العالم، ما مكّن نحو 10 ملايين زائر سنويًا من تعزيز فهمهم للفن والثقافة الإسلامية
أما في متحف بيرغامون ببرلين، الموقع التراثي العالمي لليونسكو، فتتعاون المؤسسة لتعزيز التفاهم والتقدير للفنون الإسلامية من خلال إشراك الجمهور واستخدام التكنولوجيا الحديثة، والمساهمة في تجديد وتوسعة متحف الفن الإسلامي بهدف تحسين تجربة الزوار وتوفير مساحة أكبر لعرض مجموعة واسعة من القطع الفنية. وقد استفاد من هذا المشروع أكثر من 700,000 زائر، بينما تجاوز عدد المستفيدين عبر المنصة الإلكترونية "الفن للجميع" 5 ملايين شخص حول العالم، حيث تتيح المنصة استكشاف الفن الإسلامي من زوايا متعددة لكل المهتمين.
كما يتضمن المشروع برنامج "ملتقى" الذي يساهم في تمكين اللاجئين من خلال تدريبهم كمرشدين ثقافيين، ما يعزز التبادل الثقافي ويدعم تمكين الوافدين العرب في المجتمع الألماني، مما يخلق جسورًا للتفاهم والتواصل بين الثقافات المختلفة.
تمثل هذه المبادرات نموذجًا حيًا لكيفية تقديم الفن الإسلامي بطريقة مبتكرة وشاملة تعزز الحوار الثقافي، وتحول المتاحف إلى منصات للتفاهم والتواصل العالمي، مما يجعلها وجهات ملهمة للتقارب الثقافي والاحترام المتبادل.
المشاركة المجتمعية: برنامج ملتقى أكسفورد
يعد برنامج ملتقى أكسفورد مشروعًا مجتمعيًا وتراثيًا متميزًا نال إشادة واسعة لدوره في تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم بين مختلف المجتمعات في مدينة أكسفورد. تعتمد المبادرة على متاحف جامعة أكسفورد، مثل متحف تاريخ العلوم ومتحف بيت ريفرز، كنقاط تلاقي تجمع الأفراد معًا، بما في ذلك الأسر اللاجئة والمستقرة حديثًا، بهدف تعزيز التسامح وفهم أعمق للفن والثقافة والعلوم. يستفيد من هذه المبادرة حوالي 4 ملايين زائر سنويًا، ما يوسع نطاق تأثيرها بشكل كبير.
تركز المبادرة على تعزيز الروابط المجتمعية وبناء جسور بين الثقافات من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية والثقافية والعلمية. كما توفر فرصًا تطوعية تتيح للأفراد من مختلف الخلفيات تبادل الخبرات وتطوير المهارات، ما يثري حياتهم ويفتح أمامهم آفاقًا جديدة. وتسعى المبادرة أيضًا إلى تعميق فهم التراث وتفسير القطع الفنية الأثرية، بما في ذلك الفن الإسلامي، على المستويين المحلي والدولي، لتصبح المتاحف منصات حية للتواصل الثقافي والإبداعي.

بناء جسور من خلال التسامح
تشكّل جهودنا منظومة متكاملة لتعزيز التسامح، حيث يتجسد ذلك على المستوى النظري والعملي، وتلتقي فيها المعرفة الأكاديمية بالإلهام الفني والتجارب الحيّة. من دعم الأبحاث والمعارض الفنية والثقافية إلى تمكين المجتمعات وربط الشبكات العالمية، يتمحور عملنا حول "بناء الجسور بين الثقافات"، كدليل على ما يمكن تحقيقه عندما نختار الوحدة والحوار. نعزز قنوات للتواصل والتفاهم، ومع يوم التسامح العالمي، نجدد التزامنا ببناء مستقبل قائم على الاحترام والتعاون، حيث تصبح الاختلافات الثقافية مصدرًا للسلام والابتكار والأمل للجميع.
