تنمية البيئة المستدامة

استثمار الابتكار لمكافحة تغير المناخ: كيف تعزز منصة "أتلاي 2.0" العمل العالمي

ماوية طالب
مستشار أول - قسم الإعلام

مع تصاعد أزمة المناخ، أصبح من الضروري إيجاد حلول عاجلة وقابلة للتحول لمواجهة التحديات البيئية التي تؤثر على كوكبنا. وفي هذا السياق، تُعد البيانات من أقوى الأدوات المتاحة في التصدي لهذه الأزمة. لطالما كانت مؤسسة الوليد للإنسانية، تحت قيادة صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال آل سعود، ملتزمة بمعالجة أبرز التحديات العالمية عبر حلول مبتكرة. ومع إطلاق "أتلاي 2.0"، منصة الذكاء الاصطناعي المتطورة، تم توسيع نطاق العمل البيئي والمناخي، ما يعزز من الجهود العالمية للحفاظ على كوكب الأرض.

استمرارًا للنجاح الذي حققته منصة "أتلاي" التي أطلقتها مؤسسة الوليد للإنسانية، تقدم النسخة المطورة "أتلاي 2.0" مزايا متقدمة تتيح المراقبة في الوقت الفعلي، وتقديم تقارير مفصلة، وتحليل شامل للبيانات المناخية الأساسية. وتستفيد هذه النسخة المحسنة من قاعدة بيانات موسعة تشمل تدهور الأراضي، جودة الهواء، بالإضافة إلى إزالة الغابات ومؤشرات المناخ الأوسع. من خلال صور الأقمار الصناعية وبيانات الطقس الفورية، يقدم "أتلاي 2.0" رؤى محدثة للتغيرات البيئية العالمية، ما يساعد في اتخاذ قرارات مدروسة وتسريع الإجراءات المؤثرة على نطاق واسع. كما يتيح تقديم تقارير آلية حول التغيرات البيئية مثل تقلبات درجات الحرارة أو تغيرات جودة الهواء، ما يساعد المستخدمين في اتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة.

تُعتبر هذه التطورات حيوية في ظل التوقعات التي تشير إلى تدهور ما يقرب من 40% من الأراضي في العالم، وهو ما يؤثر على أكثر من ثلاثة مليارات شخص ويزيد من عدم الاستقرار في المجتمعات على مستوى العالم. العلاقة بين تدهور البيئة والمعاناة الإنسانية واضحة تمامًا. لكن، دون وجود بيانات دقيقة وموثوقة، يجد أولئك الذين يسعون للتصدي لهذه التحديات صعوبة في الاستجابة بسرعة وفعالية. هنا يأتي دور "أتلاي 2.0"، الذي يملأ هذه الفجوة من خلال تقديم رؤى قيّمة حول العلاقة بين تغير المناخ وإزالة الغابات. عبر تتبع الأحداث المتعلقة بإزالة الغابات في الوقت الفعلي، وتحولات المناخ، وجودة الهواء، توفر منصة "أتلاي 2.0" ثروة من المعلومات التي يمكن أن يستخدمها الصحفيون، النشطاء، والباحثون لدعم حملاتهم من أجل التغيير. هذه الأداة لا تقتصر على جمع البيانات، بل تحولها إلى رؤى قابلة للتنفيذ، ما يعزز من العمل العالمي الفاعل.

تثير إحصائيات إزالة الغابات القلق، ففي عام 2023 فقط، تم اكتشاف أكثر من مليون حادثة لإزالة الغابات على مستوى العالم (شبكة الغابات العالمية). وتقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن 10 ملايين هكتار من الغابات تُقطع سنويًا. هذه الإحصائيات تؤكد على ضرورة اعتماد نهج منسق يعتمد على البيانات لمواجهة هذه القضايا البيئية الهامة.

تتمثل إحدى المزايا البارزة لـ "أتلاي 2.0" في وصولها العالمي. إذ توفر المنصة، بشكل مجاني، الوصول إلى المعلومات البيئية الحاسمة، ما يعزز التعاون بين الأفراد والمنظمات في جميع أنحاء العالم. يمكن للمستخدمين المسجلين تخصيص التنبيهات حسب المواقع والتفضيلات الشخصية، مع تلقي التقارير المحدثة بعدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية، الإسبانية، الصينية، الهندية، العربية، الفرنسية، والإيطالية. وهذا يسهم في تحفيز روح التعاون العالمي من أجل التصدي لأزمة المناخ.

يتم إطلاق "أتلاي 2.0" في توقيت بالغ الأهمية، حيث يتزامن مع "اليوم العالمي للغابات" الذي يُحتفل به سنويًا في 21 مارس. يمثل هذا اليوم تذكيرًا مهمًا بالدور الحيوي الذي تؤديه الغابات في الحفاظ على صحة كوكب الأرض، إذ تعمل كخزانات للكربون، وتنظم دورة المياه، وتعزز التنوع البيولوجي، وتوفر سبل العيش لملايين البشر.

ومع ذلك، فإن هذه الغابات تواجه تهديدات متزايدة. من خلال "أتلاي 2.0"، يمكننا أن نفهم هذه التهديدات بشكل أفضل، ونراقبها، ونستجيب لها باستخدام بيانات دقيقة وقابلة للعمل، ما يعزز جهودنا لحماية واستعادة الغابات الحيوية.

تعد منصة "أتلاي 2.0" عنصرًا أساسيًا في تعزيز أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، لا سيما الهدف 13: العمل المناخي، والهدف 15: الحياة على الأرض. فعندما يتعلق الأمر بتغير المناخ وإزالة الغابات، تعد هذه القضايا من أكبر التحديات العالمية التي تحتاج إلى حلول مبتكرة ومعتمدة على بيانات دقيقة. ومن خلال توفير رؤى قابلة للتنفيذ في الوقت الفعلي، تمكّن منصة "أتلاي 2.0" صانعي السياسات والنشطاء والمنظمات من تطوير استراتيجيات أكثر استهدافًا وفعالية لمكافحة التغيرات البيئية وتعزيز الاستدامة.

"أتلاي 2.0" أكثر من مجرد منصة للبيانات؛ إنها محرك للتغيير المؤثر. تكمن قوة البيانات في قدرتها على الإعلام وتحفيز العمل الحاسم. من خلال تقديم رؤى واضحة وقابلة للتنفيذ، تمكّن منصة "أتلاي 2.0" الأفراد والمجتمعات من الضغط من أجل سياسات مناخية أقوى، وزيادة الوعي، وتعزيز الممارسات المستدامة. فهذه المنصة تحول البيانات البيئية المعقدة إلى موارد قابلة للاستخدام، ما يدعم الجهود العالمية من أجل التغيير المستدام.

يمثل هذا المشروع انعكاسًا لرؤية مؤسسة الوليد للإنسانية في استغلال الابتكار لتحقيق تأثير مستدام وطويل الأمد. تحت توجيه رؤية 2030، تلتزم المؤسسة بتعزيز التنمية المستدامة ودفع الابتكار التكنولوجي لمواجهة التحديات العالمية. ونحن نفخر بأن منصة "أتلاي 2.0" وُلدت في المملكة العربية السعودية، وقادتها فرق سعودية، ما يعكس الدور المتزايد للمملكة في قيادة التكنولوجيا البيئية. لقد خلقت رؤية 2030 بيئة مشجعة على الابتكار، ما يمكّن المبادرات مثل "أتلاي 2.0" من استخدام التكنولوجيا المتطورة لتعزيز الاستدامة والعمل المناخي. هذه المنصة هي مثال حي على كيفية استفادة العالم من الحلول المبنية على البيانات لتحقيق تأثير إيجابي في المستقبل.

لا شك أن أزمة المناخ تتطلب تحركًا عاجلًا. فالغابات والأراضي التي تدعم الحياة على كوكب الأرض مهددة، والوقت للعمل هو الآن. توفر منصة "أتلاي 2.0" الأدوات اللازمة لفهم نطاق المشكلة بشكل أعمق واتخاذ خطوات فورية وحاسمة نحو مستقبل مستدام. من خلال الابتكار، التعاون، والعمل المعتمد على البيانات، يمكن إحداث تغييرات كبيرة لبناء عالم أكثر اخضرارًا واستدامة للأجيال القادمة.